تروى الأسطورة الصينية أن شيخا أراد أن يعرف الفرق بين السعداء والتعساء، فراح وسأل أحد الحكماء قائلا : هلا أخبرتني ماالفرق بين السعداء والتعساء ؟ قاده الحكيم إلى قصر كبير ، فما إن دلفا إلى البهو ، حتى شاهدا أناسا كثيرين تمتد أمامهم الموائد عامرة بأطايب الطعام ، وكانت أجسادهم نحيلة ، وتبدوا على سماتهم علامات الجوع ، وكان كل منهم يمسك بملعقة ضخمة طولها أربعة أمتار ، لكنهم لا يستطيعون أن يأكلوا ، فقال الشيخ للحكيم :لقد عرفت هؤلاء ، إنهم التعساء .
ثم قاده الحكيم إلى قصر آخر، يشبه القصر الأول تماما ، وكانت موائده عامره بأطايب الطعام ، وكان الجالسون مبتهجين تبدوا عليهم علامات الصحة والقوة والنشاط . وكانت في يد كل منهم ملعقة ضخمة طولها أربعة أمتار أيضا ، فما أن رآهم الشيخ حتى صرخ قائلا :وهؤلاء هم السعداء .
ولكنى لم افهم حتى الآن الفرق بين هؤلاء وأولئك ؟؟ فهمس الحكيم في أذنيه قائلا :
( ................................ )
السؤال : ترى ماذا قال له الحكيم ؟؟؟ همس الحكيم فى أذنيه قائلا :-
السعداء يستخدمون نفس الملاعق ... لا ليأكلوا بل ليطعم بعضهم بعضا
فالأنــا ســـبب التعاســــة .......... ونحــن طـريق الســــعادة
كلنا نعيش هذه الحياة ، غير أن كل واحد منا يحياها بطريقة مختلفة ، ويتفاعل معها ويراها بشكل مختلف ، وبيننا أناس استطاعوا أن يحيوها سعداء ليس لأنهم نالوا كل مايريدون ، بل لأنهم تعاملوا مع كل ما فيها بحكمة وفن ، فذاقوا حلاوتها وخرجوا من بوتقة ذواتهم إلى فضاء العطاء الأرحب حين فكروا في الآخرين ، في الآباء الذين يأنسون بهم ، وشريك الحياة الذي يعايشونه ، والأولاد الذين يربونهم ، والأصدقاء والجيران الذين يتعاملون معهم
فلماذا لا نكون أنا وأنت من صناع اللحظات السعيدة لأنفسنا ولكل من حولنا ؟ لماذا لا نتجاوز الأنا والذات لنفكر في ( هو ..وهي ...وهم ...ونحن ) فالتمرس على الاهتمام بالآخرين والتفكير فيهم ومحاولة إدخال شيء من السرور والسعادة و البهجة على قلوب أحبائنا مما يرضى ربنا ، ويزين دنيانا ويخرجنا من ظلام أنفسنا إلى أنوار العطاء الرحب .
فلنجلس إذا ولنفكر في الأقرب فالأقرب منهم ولنحرص على البذل والعطاء ، فتمام المتعة أن نرى الآخرين يستمتعون ، وتمام السعادة أن ترى الآخرين سعداء ، لكن فاقد الشيء لا يعطيه والمفلس من كل شيء لن يهب للآخرين أي شيء ، فكل منا يمتلك الكثير ويستطيع أن يهب الكثير من الحب ، ومن المرح ، ومن الكلمة الطيبة ، والاستماع لهموم الآخرين ، والمشاركة في الأحزان والأتراح ، والمشاركة في تحقيق أحلام الآخرين ولو كان صغيرا ، فأبواب العطاء كثيرة ، وكلنا قادرون عليها لو صدقت النوايا وحسن التوجه ، فقف في هذه اللحظة وانظر إلى إمكاناتك ، وتلذذ بالعطاء فذلك من أحب الأعمال إلى الله
ولكي تكون من صناع الحياة يجب أن تتصف بعض الصفات التالية:
في مدخل هذا الموضوع ، فهل سنجد أفضل وأعمق وأكثر إيحاءً من اللاّفتة التالية :
• فصناع السعادة يضعون لافتة كبيرة أمام أعينهم تقول « يا بنيّ ! اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك ، فأحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك ، واكره له ما تكره لها ، ولا تَظلِم كما لا تحب أن تُظلَم ، وأحسِن كما تحبّ أن يُحسَن إليك ، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك ، وارض من النّاس ما ترضاه لهم من نفسك ، ولا تقل ما لا تعلم وإن قلّ ما تعلم ، ولا تقل ما لا تحبّ أن يقال لك »
• فصناع السعادة يتميزون بحسن الخلق في التعامل مع الآخرين ، فينزلون الناس منازلهم ولكل من الناس منزلته ، يختارون الألفاظ والعبارات بأحسن ما يكون الحديث مصداقا لقول الله عز وجل ( قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ، إن الشيطان ينزغ بينهم ) ،وهم متسامحون لا ينشغلون بالحقد على هذا وذاك ، يهتمون بالتفاصيل الصغيرة في العلاقات الإنسانية، وهذا سر من أسرار النجاح في العلاقات
• صناع السعادة لهم مخيلة خصبة ، يعدون للحدث السعيد ، يفعلون ما يسعد الصغير والكبير ، يزرعون روح المرح أينما حلو ، يحاولون جمع الناس على شيء ممتع ، إنهم محترفون في صناعة اللحظة التي تبقى ذكراها الجميلة تبث عبيرها كلما تذكرها من عاشها ، يقول أحد الشُّعراء :
« في كلّ ساعة من ساعات النهار،يمكنك أن تجود بشيء ،قد يكون ابتسامة ، وقد يكون يداً تمدّها للمصافحة ، وقد يكون كلمةً ، تقوّي بها من عزم الآخرين » !
• صناع السعادة لا يخلطون الأمور، فللعمل وقته وللترفيه وقته وللجد وقته ، إن هذا الفصل يعطى لكل شيء حقه ولا يحرمهم السعادة مع من يحبون .
فلنكن من المحترفين في صناعة اللحظة السعيدة، لنبرع في ذلك ، ولنبتكر في الوسائل والأساليب لنكون سعداء في الدنيا وسعداء في الآخرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ممكن تقدروا تشاركوا معانا و تقولوا لنا رأيكو فى موضوعاتنا