هل جربت أن تحلم حلماً كبيراً؟
هل جربت أن تعيش هذا الحلم؟
هل عشت حلمك ثم اكتشفت متأخراً أن حلمك تحول لكابوس مخيف؟
فأنت لتحلم, يجب أن تفرد جناحيك, وتحلق عالياً في السماء, ثم تمر على بلاد جديدة, ومخاطر عديدة..
تمر على بحر غامض, لو شعرت بالإجهاد وسقطت فيه فأسماك القرش الدموية ستنهش لحمك.
تمر على جبال شاهقة, بصخور مدببة تلمع تحت أشعة الشمس تتربص لتخترق جسدك لو سقطت فوقها.
تمر على أرض مليئة بوحوش ضوارٍ لو اقتربت من الأرض ستهاجمك, فهي لا تفكر سوى في الغذاء.
ويحدث المحظور..
يضطرب جناحك.فتسقط في الماء..
يحدث المحظور..وتسقط على الصخور..
يحدث المحظور..وتهبط على الأرض.
ربما يكون السبب في أنك لم تفهم طبيعة حلمك جيداً..ربما تكون اندفعت, وتهورت, فأصبح ما تريده هو أخشى ما تخشاه, وما تتمناه , هو ما تهرب منه.
وتقرر في يأس أنك لن تحلم مرة أخرى.
تقتنع أنك كنت مجنوناً يجب أن يفيق.
وتضع خطة لتعود للحياة مرة أخرى معافى من الجنون.. من الحلم
وتمر بك الأيام, والأشهر والسنون.
قد تحققت إخفاقات ثم نجاحات, وقد تكون نجاحات عظيمة وسلم مجد طويلاً صعدت خطواته بكفاح مرير, و يتحدث بكفاحك ونجاحك كل من حولك..ولمَ لا؟, فأنت رجل ناجح..في نظر الجميع.
أنت حققت مايستحق أن تحسد عليه..كلهم يرونك رجلاً سعيداً.
معك المال..الوظيفة..ربما زوجة جميلة, وأبناء سعداء.
لكنك وحدك تعلم جيداً أنه في المساء حين تظلم الدنيا, وتستريح الأبدان ,وتستلقي على فراشك لا تتمكن من النوم من الأرق..تمر بك كالطيف ذكرى حلمك القديم,
وفي لحظة تنسى الأيام..تنسى الشهور والسنين, تنسى نجاحاتك وإنجازاتك وتعود للحظة الحلم.. لحظة التحليق عالياً في سماء النور الخاص بك. تضطر لتفيق..لتنام, فأمامك في الغد يوم طويل.
أيام أخرى تمر بك. تستيقظ في منتصف الليل تصرخ من الفزع على إثر كابوس أعاد عليك الأيام الصعبة التي أفسدت حلمك.
وتظل في هذا الصراع طويلاً, حتى تأتي لحظة بعينها.
لحظة تحسم فيها الصراع.
تقرر أنك لن تحيا لحظة واحدة بغير أن تحلم..
حلمك..جنون الماضي.
وبخطوة جريئة تضرب بجناحيك في الهواء..متوقعاً أن تكون قواك قد خارت, وأجنحتك قد ضمرت, فإذا بك تفاجأ بجناحين قويين, وفي ثوانٍ تجد نفسك تحلق في السماء.
لا تكاد تصدق ما ترى..تشعر بتلقائية أن الوقت قد حان..تأخذ طريقك مبتعدًا..نحو حلمك..تطير وتطير.. تمر فوق بحر الظلمات..تشعر بتعب ..تريد أن تستريح, ترى زعانف أسماك القرش ,ولكن بطرف عينك تبصر طوفاً خشبياً فوق الماء..تهبط فوقه..تأخذ حذرك من القروش التي لا ترحم, وحين يكثر عددها وتهاجم الطوف, تكون قد استعدت قواك, فتنطلق مندفعاً وصوت الطوف يتحطم بين أسنان القرش يدفع في نفسك وجناحيك مزيداً من الإصرار.
تبصر الجبال..تدخل في عاصفة تطيح بك, تقترب بسرعة من الصخور المدببة..وفي آخر لحظة تبصر بعين الحياة, عش صقر كبير على جوف الصخور, تهبط فوقه.. قدرك أن الصقر غير موجود, وفرخه الصغير منقاره لم يكتمل بعد ليؤذيك.
الآن يجب أن تواصل الطيران, فالصقر لن يكون شديد السعادة حين يراك تتشاجر مع فرخه الصغير .
لم يبقَ أمامك سوى أرض الوحوش الضارية, لكن قلبك الآن غير قلبك من قبل..لقد تخطيت بحر الظلمات, وجبل الصخور. وبإذن الله ستجد ما يمنع عنك وحوش الأرض.
بالفعل تبصر شجرة عالية قد تنفعك لتستريح مرة ثالثة,
وفجأة
في لحظة القدر التي انتظرتها طويلًا, ترى شمس حلمك تشرق عالياً في السماء..حلمك يراك كما تراه, يناديك..يشتاق إليك..
تنسى الراحة ..تنسى التعب الآن كل الألم تحول إلى أمل...تضرب بكفاح بجناحيك في الهواء,.
كل تردد تحول إلى يقين..
تصرخ كل ذرة في عقلك..حلمي يناديني
تبتسم, وتكمل طريقك..
............ ..
توقف الرجل عن القراءة عند هذه الكلمة, وبعين مبللة بالدموع نظر في الجمع المحيط به , من رجال ونساء وأطفال ليستمعوا للوصية الأخيرة للمتوفى..
خلع الرجل نظارته وقال بكلمات مخنوقة بالدموع:
قبل أن يموت , تحدثت إليه..
كان متألقاً سعيداً كعصفور يحلق, ليذوب, في قرص الشمس.
بقلم د.صيدلي عمر حمدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ممكن تقدروا تشاركوا معانا و تقولوا لنا رأيكو فى موضوعاتنا