"البلطجة" معناها في الاستخدام الشائع: فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم.وهي لفظ دارج في العامية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين: "بلطة" و"جي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف أداة للقطع والذبح. والبلطجة في الاصطلاح هي استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة؛ وهي نابعة من احتياج صاحب القوة –فردا أو مجتمعا أو دولة- لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية. وبغض النظر عن معنى البلطجة، فمن المؤكد أنها أصبحت من الظواهر المعتادة في حياتنا الحديثة -فرديًا وجماعيًا ومؤسسيا- وربما تذكرنا بظواهر القرصنة وقطع الطريق تاريخيًا. والجديد هنا أن هذه الممارسة لم تعد ممارسة محدودة لعصابات أو أفراد، بل إنها صارت ظاهرة عالمية واسعة وعلى كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وصرنا نقرأ في التحليلات السياسية والعناوين الإخبارية عبارات من قبيل: بلطجة أمريكية في مياه الأطلنطي - ضرب أفغانستان.. البلطجة مستمرة. بل إن عددا من السياسيين والدبلوماسيين وقادة الدول استعملوا المصطلح ووصفوا به عددا من الممارسات القمعية التي قد تمارسها بعض الدول .. رؤية نفسية للبلطجة وإذا كان المجتمع ينظر إلى البلطجة على أنها نوع من السلوك المستهجن والمرفوض كان طبيعيا أن تلقى نوعا من الاهتمام بين علماء النفس وخبراء السلوك حتى أنهم يرون أن الظاهرة ليست جديدة؛ بل إن لها جذورا اجتماعية، وتحدث بنسب متفاوتة في مختلف مجتمعات العالم، وهي بالنسبة لمجال الطب النفسي أحد أنواع الانحرافات السلوكية التي تحدث نتيجة الاضطراب في تكوين الشخصية سواء الفردية أو القومية والتي تحتاج إلى التكوين السوي للصفات الانفعالية والسلوكية التي تشكل الشخصية في وقت مبكر، وتتصف بالثبات والاستقرار. ويرى علماء النفس والسلوك أن هذا الاضطراب؛ قد يتحول إلى نوع من الانحراف والجنوح، وهو الذي يطلق عليه في علم النفس "الشخصية المضادة للمجتمع". ولعل في هذا المصطلح وصف لما يحدث من خروج على قوانين المجتمع وعدم التوافق مع الآخرين، والاصطدام بالقوانين الاجتماعية والأعراف العامة، وهو ما يوصف أيضا بالشخصية السيكوباتية التي قد تمارس أفعالاً، من بينها البلطجة. والبلطجة لا ترتبط -بالضرورة– بالعنف؛ فالبلطجي أحياناً لا يكون في حاجة إلى إيذاء الآخرين للحصول على ما يريد أو فرضه بالقوة، بل قد يكون مَكمنُ قوته ظروفا نسبية معينة، مثل سوء استغلال أصحاب رأس المال للعمالة بسبب ظروف السوق والبطالة؛ فهذا نوع من البلطجة، وأحيانا ترتبط البلطجة بحالة من استدرار العطف مثل المتسول الذي يدّعي المرض والحاجة حتى يبتز أموالك.. فهذا أيضا نوع من البلطجة المعنوية التي تستخدم تكتيكاً عاطفياً. وفي نهاية المطاف توجد بالطبع البلطجة المرتبطة بالعنف، وهي التي تعتمد على التلويح بالقوة بشكل أو بآخر لإلحاق الأذى بالآخرين، وغالبا لا يحتاج البلطجي لاستعمالها بشكل سافر؛ إذ يكفي التلويح بها أو استعمالها مرة واحدة ليصير المتضرر مثالاً يدفع الآخرين للخنوع.. مثال على ذلك المفسدون الموجودون في بعض الأحياء العشوائية كنموذج لبلطجة الأفراد، وبالطبع يقفز للذهن مثال العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بصفة خاصة كنموذج للبلطجة على مستوى الدول والسياسات، بل وتحالفات البلطجة المشتركة. البلطجة الشائعة -إذن- هي ذلك النوع الذي يعتمد على القوة، سواء كانت القوة البدنية على مستوى الأفراد، أو القوة العسكرية على مستوى الدول والجيوش.. وهذا النوع يعتمد على التلويح بالقوة، وفي أحيان كثيرة استعمالها. وهذا النوع من البلطجة يفكر فيه البلطجي بقوته المادية، وينظر إلى عضلاته وقدرتها على البطش.. كما تنظر الدول إلى قواتها العسكرية بأنواعها البرية والبحرية والجوية والنووية، ومن هذا المنطلق يكون الأضخم جسدا والأطول قامة هو البلطجي أو الأصلح للقيام بدور البلطجي. وعلى مستوى الدول في النظام العالمي الجديد نجد الولايات المتحدة الأمريكية تحتل دور الصدارة في هذا الصدد. ولكن هذا النوع من البلطجة يؤدي بدوره إلى نوع من العنف المضاد، وهو ما يكون في غير مصلحة البلطجي أولاً، والأخطر أنه ربما يكون هذا النوع من العنف المضاد أشد خطرا من البلطجي نفسه؛ لأنه يعيد تشكيل الثقافات لصالح القوى الراديكالية في غير صالح التيار العام للثقافة الذي تأسست عليه نهضتها تاريخياً. وتتعدد أدوات البلطجة مع الأطراف المختلفة بحسب الظرف؛ فتلجأ أمريكا لاستعمال أسلوب العنف مع العراق، والحصار مع ليبيا، والضرب من بعيد مع السودان، والحوار مع دول أخرى بلا داع للعنف البتة. البلطجي الظريف على شاشة السينما والعنف كما ذكرنا ليس شرطا في ممارسة البلطجة بصفة مستمرة؛ فقد يكفي البلطجي أن يرتكب أفعالا عنيفة مرة واحدة لكي يهابه الناس ويخافونه، ويتجنبون الاحتكاك به؛ بل ويخضعون لكل ما يطلبه، وعلى مستوى الإعلام نلحظ دوراً سلبياً في تمرير ثقافة العنف من خلال مشاهده خاصة في مشاهد الأفلام، ولأن الأسرة لم تعد تقوم بدورها في تنشئة الأبناء التنشئة الصحيحة؛ فقد صار الأبناء كورق الشجر تتقاذفه الرياح؛ فهم يتلقون قيمة من هنا وقيمة من هناك؛ فهم يقضون وقتهم أمام التلفزيون.. بل نلاحظ ما هو أكثر من هذا، وهو حرص الأسر على تنشئة أبنائها على العنف اعتقادا بأن ذلك يجعلهم أقدر على مواجهة الحياة، ولا ننسى ما أصبح شائعا في الأسرة من خلافات بين الآباء والأمهات يتبادلون خلالها العنف اللفظي أو الجسدي، وهذا درس هام بالنسبة للأبناء يتلقونه عن طريق الملاحظة. وبالنسبة للعامل الثقافي فإننا نلاحظ أن ثقافة اليوم تعتمد العنف وسيلة لحل المشكلات، وتنظر إلى ما تقدمه السينما من أفلام تدور في أغلبها حول البطل العنيف والبلطجي الظريف وتعاطي المخدرات والعصابات؛ فيشاهدها الشباب ويتأثرون بها. ولعل من النماذج الظريفة لأسلوب البلطجي ما تم في فيلم "الأب الروحي" "God Father"؛ فالبلطجي هنا هو المافيا، ويقول الزعيم عند مواجهة خصمه: "قدموا له عرضا لا يمكن رفضه"، والعرض الذي لا يمكن رفضه هو أن يقبل شروطهم أو أن يقتل، ولكن لا داعي للدماء في البداية؛ فيكتفون بذبح خروف ووضعه له في الفراش ليستيقظ فيجد الخروف المذبوح بجواره في غرفة نومه، وهنا بطبيعة الحال يخطر له أمران: الأمر الأول أن من الممكن ذبحه كما ذبحوا الخروف بعد أن تمكنوا من وضعه له بجواره، وهو نائم على هذه الصورة. والثاني: أن يتخيل شكله وهو مقطوع الرأس. وفي كلتا الحالتين يجب أن يقبل شروط المافيا. ومن هنا نجد أن أخطر أنواع البلطجة تلك التي لا ترتبط بالعنف بالضرورة، بل تستخدم أساليب أخرى مثل وسائل الإعلام والتلويح بالقوة؛ فهو في النهاية يجعلك تفكر كما يريد، ويحصل منك على ما يريد، وفي حالة فشله لا يتورع عن استخدام أسلوب العنف المباشر. ومقاومة البلطجي ليست بالأمر الهين؛ فهي تحتاج إلى إعداد ثقافي محوره: "لا تخشَ أحدًا إلا الله"، وجماعة اجتماعية وشعوبًا وأمة لا تقبل تهديدات ولا "عروض" البلطجي (سياسات العصا والجزرة). ثقافة المقاومة قوامها الفرد المؤمن الواثق القوي المناضل في سبيل الحق والعدل؛ فيكون لدينا مجتمع قادر على المقاومة والانتفاض والصمود الصابر، ولعل من أولى خطوات مكافحة البلطجة بمستوياتها التحرر من ثقافة البلطجي ذاته التي قد يستبطنها من يمارس عليه البلطجي إرهابه؛ فيركن للخنوع، ويخضع لأسطورة القوة التي لا تُقهر. وفي الدراسات النفسية التي تقوم على الفحص النفسي لشخصية هؤلاء المنحرفين أو البلطجية، فإن المظهر العام يبدو هادئا مع تحكم ظاهري في الانفعال، غير أن الفحص النفسي الدقيق يظهر وجود التوتر والقلق والكراهية وسرعة الغضب والاستثارة لدى هؤلاء الأفراد، وهم لا يعتبرون من المرضى النفسيين التقليديين، ولا يعتبرون مثل الأسوياء أيضا، بل هي حالات بينية يمكن أن يؤكد تاريخها المرضي الميل إلى الانحراف والكذب، وارتكاب المخالفات في الجرائم كالسرقة والمشاجرات والإدمان، والأعمال المنافية للعرف والقانون. وتكون الجذور والبداية عادة منذ الطفولة، وهؤلاء لا يبدون أي نوع من تأنيب الضمير، ولا ينزعجون لما يقومون به؛ بل يظهرون دائما وكأن لديهم تبريرا لما يفعلونه من سلوكيات غير أخلاقية في نظر الآخرين. وليس المنحرفون نوعا واحدا؛ فمنهم من يستغل صفاته الشخصية في تحقيق بعض الإنجازات دون اعتبار للوسائل، ومنهم من يتجه إلى إيذاء الآخرين أو تدمير نفسه أيضا، ومنهم من يتزعم مجموعة من المنحرفين أو من يفضل أن يظل تابعا ينفذ ما يخطط له الآخرون. أسباب البلطجة 1- طبيعة المجتمع السلطوي: فرغم أن مجتمعنا يمر في مرحلة انتقالية فإننا نرى جذور المجتمع المبني على هرمية السلطة الاجتماعية ما زالت مسيطرة. فنرى -على سبيل المثال- أن استخدام العنف من قبل الأخ الكبير أو المدرس أمر مباح، ويعتبر في إطار المعايير الاجتماعية السليمة، وحسب النظرية النفسية الاجتماعية فإن الإنسان يكون عنيفاً عندما يتواجد في مجتمع يعتبر العنف سلوكاً ممكناً، مسموحاً ومتفقاً عليه. بناءً على ذلك تعتبر المدرسة مركزية؛ إذ يأتي الطلاب المُعنّفون من قبل الأهل والمجتمع المحيط بهم إلى المدرسة ليفرغوا الكبت القائم بسلوكيات عدوانية عنيفة يقابلهم طلاب آخرون يشابهونهم الوضع بسلوكيات مماثلة، وبهذه الطريقة تتطور حدة العنف ويزداد انتشارها. كما في داخل المدرسة تأخذ الجماعات ذوات المواقف المتشابهة حيال العنف شِللا وتحالفات من أجل الانتماء، وهو ما يعزز عندها تلك التوجهات والسلوكيات؛ فيذكر "إذا كانت البيئة خارج المدرسة عنيفة فإن المدرسة ستكون عنيفة". تشير هذه النظرية إلى أن الطالب في بيئته خارج المدرسة يتأثر بثلاثة مركبات، وهي: العائلة، والمجتمع، والإعلام، وبالتالي يكون العنف المدرسي نتاجا للثقافة المجتمعية العنيفة. 2- المجتمع التحصيلي: في كثير من الأحيان نحترم الطالب الناجح فقط، ولا نعطي أهمية وكياناً للطالب الفاشل تعليمياً.. الطالب الذي لا يتجاوب معنا، حسب نظرية الدوافع؛ فالإحباط هو الدافع الرئيسي من وراء العنف؛ إذ إنه بواسطة العنف يتمكن الفرد الذي يشعر بالعجز أن يثبت قدراته الخاصة؛ فكثيراً ما نرى أن العنف ناتج عن المنافسة والغيرة. كذلك فإن الطالب الذي يعاقَب من قبل معلمه باستمرار يفتش عن موضوع (شخص) يمكنه أن يصب غضبه عليه. 3- الجو التربوي: عدم وضوح القوانين وقواعد المدرسة.. حدود غير واضحة لا يعرف الطالب بها حقوقه ولا واجباته، مبنى المدرسة واكتظاظ الصفوف، التدريس غير الفعال وغير الممتع الذي يعتمد على التلقين والطرق التقليدية.. كل هذا وذاك يخلق العديد من الإحباطات عند الطلاب التي تدفعهم إلى القيام بمشاكل سلوكية تظهر بأشكال عنيفة، وأحياناً تخريب للممتلكات الخاصة والعامة، بالإضافة إلى استخدام المعلمين للعنف، والذين يعتبرون نموذجاً للطلاب حيث يأخذهم الطلاب قدوة لهم. الجو التربوي العنيف يوقع المعلم الضعيف في شراكه؛ فالمعلم يلجأ إلى استخدام العنف؛ لأنه يقع تحت تأثير ضغط مجموعة المعلمين الذي يشعرونه بأنه شاذ، وأن العنف عادة ومعيار يمثل تلك المدرسة، والطلاب لا يمكن التعامل معهم إلا بتلك الصورة، وغالباً ما نسمع ذلك من معلمين محبطين، محاولين بذلك نقل إحباطهم إلى باقي المعلمين ليتماثلوا معهم؛ فيرددون على مسمعهم عبارات، وهنا تلعب شخصية المعلم دورا في رضوخه لضغط المجموعة إذا كان من ذوي النفَس القصير أو عدم التأثر بما يقولون. إضافة إلى ما ذُكر فإن الأسلوب الديمقراطي قد يلاقي معارضة من قِبل الطلاب الذين اعتادوا على الضرب والأسلوب السلطوي؛ فيحاولون جاهدين فحص إلى أي مدى سيبقى المعلم قادراً على تحمل إزعاجاتهم، وكأنهم بطريقة غير مباشرة يدعونه إلى استخدام العنف، وإذا ما تجاوب المعلم مع هذه الدعوة فسيؤكد لهم أنهم طلاب أشرار لا ينفع معهم إلا الضرب، ونعود إلى المعلم ذي النفس القصير الذي سرعان ما يحمل عصاه ليختصر على نفسه الجهد والتعب بدلاً من أن يصمد ويكون واعيا بأن عملية التغيير هي السيرورة Process التي تتطلب خطة طويلة المدى. 4- التفكك الاجتماعي: تحدث الانحرافات السلوكية الناجمة عن حالات اضطراب الشخصية –وهي حالات تختلف عن الأمراض النفسية التقليدية مثل القلق والاكتئاب والفصام والوساوس– في نسبة تصل إلى 3% من الذكور، و1% من الإناث، حسب الإحصائيات العالمية في بعض المجتمعات، وتبدأ بوادر الانحراف السلوكي في مرحلة المراهقة عادة أو قبل سن الخامسة عشرة، وتحدث بصفة رئيسية في المناطق المزدحمة والعشوائية، وتزيد احتمالاتها في الأسرة كبيرة العدد، وفي المستويات الاجتماعية والتعليمية المنخفضة. ومن دراسات على أقارب المنحرفين (أو البلطجية) ثبت أن نفس الاضطراب السلوكي يوجد في أقاربهم بنسبة 5 أضعاف المعدل المعتاد، كما أن الفحص النفسي لنزلاء السجون أثبت أن 75% ممن يرتكبون الجرائم المتكررة هم من حالات اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع أو ما يطلق عليه الشخصية السيكوباتية. هل من علاج؟ 1- الوقاية التي هي خير من العلاج ويأتي ذلك بالتخلص من العوامل المساعدة على انتشار الظاهرة مثل عدم توقيع العقاب الرادع، والتباطؤ في تحقيق العدالة وعدم وجود ارتباط مباشر بين ارتكاب المخالفة القانونية وتطبيق العقاب المناسب، والتأخير في مواجهة الحوادث الفردية حتى تتزايد لتصبح ظاهرة.فالوقاية هنا أهم من العلاج، وتبدأ بالاهتمام بالتنشئة؛ لأن الانحراف الذي يصيب الشخصية يبدأ مبكرا، وإذا حدث فإن علاجه لا يكون ممكنا. 2- أما إذا ظهرت بوادر للمشكلة فإن بعضا من الحلول الحازمة التي ينبغي اتخاذها في هذا الإطار مثلما تفعل بعض البلدان التي تقوم بوضع هؤلاء المنحرفين بعد تشخيص حالتهم -وقبل أن تتعدد الجرائم التي يقومون بارتكابها– في أماكن تشبه المعتقلات من حيث النظام الصارم وبها علاج مثل المستشفيات، ويتم تأهيلهم عن طريق تكليفهم ببعض الأعمال الجماعية والأنشطة التي تفرغ طاقة الغضب لديهم. 3- يطرح الإسلام رؤية متميزة في التعامل مع مثل هذه الحالات فهو يتعامل مع مفهوم العنف والعقاب على أنهما مفهومان منفصلان ومختلفان؛ فينبذ العنف، ويدعو إلى الرفق والعطف والتسامح ومقابلة السيئة بالحسنة؛ حيث يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن"، وفيما يتعلق بالعنف الكلامي فالإسلام يرفضه رفضاً قاطعاً، ويطالب بعدم الاستهزاء والاستهتار بالآخرين، وهذا واضح من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات: 11). هذا من جهة، ومن جهة أخرى يعتبر الإسلام العقاب الجسدي نوعاً من أنواع الوسائل التربوية، ويستخدم لكف سلوك غير مرغوب فيه أو لتأديب إنسان أو ردعه عن ظلم الآخرين؛ فنجد من ذلك إجازة باستخدام العقاب بشكل عام، ويصل إلى العقاب البدني، وهذا ما أكد عليه، مشيراً إلى إمكانية استخدام العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضربا غير شديد وغير مؤلم. ومن خلال مراجعة القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، باعتبارهما المصدر الأساسي للتشريع نجد أن الإسلام أجاز استخدام العقاب الرادع لحفظ المال والعرض والدين في الجماعة الاجتماعية؛ فتبدأ من الجلد والإيذاء الجسمي إلى قطع الأيدي والأرجل والرجم حتى الموت، وهذا وارد في العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، لا تنكيلاً بالإنسان الذي كرمه الله بل ردعاً للجريمة وترهيباً من مغبتها؛ فقسوة العقوبة هدفها منع الجريمة لا تعذيب البشر. فالعنف يرتبط بالعدوان، وقد نهى الله –عز وجل- عنه حيث يقول {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ولإسلام يرى أن العنف غير المبرر والذي لا يقترن بمفهوم القصاص والعدل سلوك عدائي هجومي تخريبي تدميري، تصاحبه كراهية وغضب وممارسة القوة الباطشة لشخص أو جماعة دون مرجعية قانونية أو أخلاقية. وإذا لوحظ هذا في سلوك الأطفال أو الشباب فإنهم يُعتبرون من ذوي المشكلات.. والعنف ظلم للنفس وللآخرين، ومن الناحية الدينية يُعتبر سلوكًا آثمًا وهو أيضًا سلوك يجرمه القانون.. ومن أكثر ما يميز الشخصية العدوانية الأنانية، والتمركز حول الذات، واللامسئولية، ونقص البصيرة، والميل إلى السيطرة، والتعبير الغامض المندفع الرافض، وعدم ضبط النفس… 4- تجنب أساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة، والتنبؤ المبكر باحتمال السلوك العنيف والعدواني، وتنمية المسئولية الاجتماعية عند الأفراد، والاهتمام بالرياضة (الرياضة البدنية)، وإعادة تأهيل الكبار نحو سلوك حضاري رشيد كي يكونوا قدوة ولمنع السلوك العنيف عند الصغار. هذا عن البلطجة في المجتمع والعنف المجتمعي، أما كيف نواجه بلطجة النظام الدولي؟ فمسألة أخرى لها مقام آخر من الحديث مثلما ميز القرآن بين "أشداء على الكفار" و"رحماء بينهم". وللتفصيل موضع آخر. |
كل عام و انتم بخير 2013
للعام السابع على التوالى تستمر المدونة فى عرض الافكار و نشر الموضوعات الهامة و اللى جاى احلى ..
الأحد، 12 أبريل 2009
البلطجة.. والإفساد في الأرض
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ممكن تقدروا تشاركوا معانا و تقولوا لنا رأيكو فى موضوعاتنا