كل عام و انتم بخير 2013

للعام السابع على التوالى تستمر المدونة فى عرض الافكار و نشر الموضوعات الهامة و اللى جاى احلى ..

الخميس، 19 مارس 2009

أبو حنيفة التاجر الفقيه

هو الإمام الأعظم وإمام الأئمة .. سبعون عاماً هي عمر أبي حنيفة .. لم يكن عربياً فالجذور فارسية ..

وكل فقهاء الإسلام كانوا من الموالي ..

وتلك أولى علامات التعايش ..

أحب التجارة .. نبغ فيها لكن لقاءه مع " الشعبي " قاده إلى طريق آخر، ليصبح صاحب أشهر مدرسة فقهية حتى اليوم.

أبو حنيفة .. التاجر الفقيه

أبو حنيفة النعمان " هو أول الأئمة الأربعة الذين شكلوا منظومة الفقه الإسلامي .. وصارت مدارسهم هي المسؤولة عن إيجاد حلول لمشكلات الحياة .. وأرست مبدأ التعايش في سلوكيات المسلمين.

فـضـل الموالي

يقول الداعية عمرو خالد:

اسمه النعمان بن ثابت المرزبان .. وكنيته " أبو حنيفة ". وهو ليس عربي الجذور، ولد عام 80 هجرية، وأصوله فارسية وتلك أولى علامات التعايش، أن يكون أول الأئمة غير عربي، وهو الذي مهد الطريق للأئمة الذين جاؤوا بعده، ومات عام 150 هجرية.يقول العلماء: ينبغي لكل مسلم أن يدعو في صلاته لأبي حنيفة، لأن له الفضل في تشكيل الفقه الإسلامي.

هو صاحب أول مدرسة لاستنباط الشريعة من القرآن والسنة. الإمام مالك والإمام الشافعي تعلما من تلامذة أبي حنيفة. ثم جاء أحمد بن حنبل.

كيف استطاع المسلمون أن يقبلوا واحداً من الموالي، أي من العجم ومن غير العرب ليتعلموا على يديه أصول الشريعة؟. الغريب أن معظم الذين تفوقوا في علوم الدين آنذاك من الموالي..

يحكى أن واحداً من العلماء اسمه ابن أبي ليلة كان جالساً مع والي الكوفة ابن أبي ليلة: حدثني عن فقهاء العالم الإسلامي في هذا الزمان: من فقيه أهل المدينة؟ فقال له: نافع مولى ابن عمر.

فسأله ومن فقيه أهل مكة؟

قال: عطاء بن أبي رباح.

فسأله: أمولى أم عربي؟

قال: مولى.

فسأله: ومن فقيه أهل اليمن؟

قال: طاووس بن كيسان.

وسأله: أمولى أم عربي؟

قال: مولى.

قال: فمن فقيه أهل اليمامة؟

قال: يحيى بن أبي كثير.

سأله أمولى أم عربي؟

قال: مولى.

قال: فمن فقيه أهل الشام؟

قال: مكحول.

قال: مولى أم عربي؟

قال: مولى.

قال: فمن فقيه أهل الجزيرة؟

قال: ميمون بن مهران.

قال: أمولى أم عربي؟

قال: مولى. " فتفجر وجه عيسى غضباً ".

وقال: فمن فقيه أهل البصرة؟

قال: الحسن البصري ومحمد بن سيرين.

وهما موليان.

يقول ابن أبي ليلة: فرأيت الشر في وجهه.

ثم سألني : فمن فقيه الكوفة؟

فكرت أن أقول: حماد " أستاذ أبي حنيفة " وهو من الموالي، لكني خفت شره.

فقلت: ابراهيم المقعي.

فسألنى: فسألني مولى أم عربي؟

فقلت له: عربي

فقال مهللاً: الله أكبر

يقول: فقلت يا أيها الوالي .. ماذا نفعل؟ إنما يتفوق الموالي.

الـذكـاء الـعربي

وهذا لم يكن عيباً في العرب، لأنهم كانوا في ذلك الزمن متفرغين للحروب والفتوحات وحكم البلاد التي فتحت .. وهنا استغل الموالي الفرصة لكي يكون لهم دور في الأمة الجديدة، فاهتموا بالعلم، فكان هذا التوازن. وقد أحسن العرب فعلاً عندما أعطوا الموالي فرصة ليتعلموا، فتكامل المجتمع. أول مبدأ في التعايش: هل المجتمع مستعد لأن تقبل أطيافه وجود بعضها البعض؟ أم أن كل فرد سيقول: أنا ومن بعدي الطوفان؟ العرب حين أعطوا الفرصة للموالي، حافظوا على العلم للإسلام، فظهر عالم مثل أبي حنيفة أفاد المجتمع.

كان يمكن أن يقول له المجتمع أنت غير عربي فكيف تكون إماماً للمسلمين؟ لهذا صار من ألقابه: الإمام الأعظم وأطلق عليه في التاريخ: إمام الأئمة رغم أن أصله فارسي. والآن نحن داخل البيت الواحد لا نستطيع أن نتفاهم مع بعضنا. هذه الأمة العظيمة قال لها نبيها:

" المؤمنون كأسنان المشط، لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ".

الكـوفة .. لمـاذا؟

عاش أبو حنيفة 70 عاماً حافلة، فقد ولد بالكوفة، وهي مدينة غير عادية، كانت في زمن علي بن أبي طالب عاصمة الخلافة الإسلامية. فقد ترك علي بن أبي طالب المدينة وانطلق إلى العراق، وأقام بالكوفة وجعلها مركزاً للخلافة الإسلامية. وتلك نقطة مضيئة على طريق التعايش.

فالمدينة كانت مركز الإسلام في عهد النبي " صلى الله عليه وسلم " وأبو بكر وعمر وعثمان، فما الذي دفع علي بن أبي طالب إلى ترك المدينة والانتقال إلى الكوفة؟

فعل ذلك لأن مشكلات الدولة الإسلامية كانت آتية من العراق .. فالتأثير الفارسي كان موجوداً بالعراق، إلى جانب تعددية الأعراق هناك. لهذا انتقل علي ومعه الخلافة إلى الكوفة ليكون قريباً من المشكلات، ويكون قادراً على حلها. ونحن نتذكر أهل الصفة من فقراء المهاجرين الذين أسكنهم النبي إلى جوار المسجد النبوي ليتمكن من رعايتهم وهم بقربه.

الآن نرى العشوائيات التي يسكنها الفقراء منفية بعيداً عن المدن، ومهملة في أماكن نائية.

أول الأسـاتـذة

وقد سار " علي " على خط النبي في هذه المسألة، فذهب ليكون قريباً من مشكلات الناس، ليكون أقدر على حلها، وقد بنى في الكوفة مسجداً يتسع لـ 40 ألف مصلّ، وكان مسجداً فريداً في عمارته، خرج منه بعد ذلك أبو حنيفة النعمان. وقبل علي بن أبي طالب كان الخليفة عمر بن الخطاب قد أرسل واحداً من أغزر الصحابة علماً إلى الكوفة وهو عبد الله بن مسعود. وقال لأهل الكوفة: أرسلت إليكم ابن مسعود معلماً ووزيراً ولقد اخترته لكم لأنه من أعلم أصحاب الرسول " صلى الله عليه وسلم " ومن مزيج ما قدمه عبد الله بن مسعود من علم وما قدمه علي بن أبي طالب تشكلت شخصية أبي حنيفة وفكره. فعندما كان شاباً قرر أن ينجح في الحياة، وكانت له طبيعة فريدة، فحين يدخل أبو حنيفة في مجال، يأبى إلا أن يكون في قمته.

عبـقـرية تـجـاريـة

كان أبوه تاجر أقمشة في الكوفة، وكان محل تجارته متواضعاً ومحدوداً، لكن أبا حنيفة وعمره 17 عاماً تقريباً، .. قرر تحويل هذا المحل إلى واحد من أكبر مراكز تجارة الأقمشة في العراق.

الأئمة الأربعة منهم ثلاثة وجهتهم أمهاتهم منذ نعومة أظافرهم إلى العلم وهم مالك والشافعي وأحمد بن حنبل لكن الإمام أبا حنيفة لم يبدأ هكذا كانت قضية العلم في البداية ليست بؤرة اهتمامه. كان يريد أن ينجح في الحياة، واختار التفكير العلمي سبيلاً إلى ذلك. وقد اشترى داراً شهيرة في الكوفة .. وحولها إلى ما يشبه الـ " المول " حالياً. لتكون مركزاً لتجارته. فحقق ثروة غير عادية وهو في العشرينات من عمره. وقد كان جده وأبوه من أتباع علي بن أبى طالب المقربين.

تـوافـق الأجـيال

ومما يحكى أن جد الإمام أبي حنيفة أراد الترحيب بعلي بن أبي طالب عندما ذهب إلى الكوفة، فصنع له حلوى فارسية لذيذة وقدمها له، فضحك علي بن أبي طالب وقال مقولة ظلت تتردد في الكوفة، قال لمن حوله: " مهرجونا كل يوم "، أي أقيموا مهرجاناً كل يوم لنأكل فيه هذه الحلوى اللذيذة ... وكان ذلك من مظاهر التعايش المبكرة في حياة أبي حنيفة، أن والده لم يصطدم به عندما طلب منه أن يطلق يده لتطوير التجارة وعادة ما يحدث صدام بين الأجيال في مثل هذه الظروف. وقال له أبوه افعل ما تراه وأنا معك، ولكن أخبرني.

نقـطـة تـحـول

يقولون عن مظاهر ثراء أبي حنيفة كنا نراه يلبس الحلة التي يفوق ثمنها 1500 درهم، وكان دخله السنوي يتجاوز 200 ألف دينار عندما سلك طريق العلم والدين، لكنه مع ذلك الدخل الكبير لم يدفع زكاة، لأن ما يكسبه من ثروة لا يبقى منه شيء للعام التالي، كان ينفق ماله على الفقراء، ولا يخصص لأهله إلا أربعة آلاف درهم كل عام وكان أهل الكوفة يحبونه ويحترمونه ويعجبون به، وذات مرة مر على رجل اسمه الشعبي، كان من أئمة الإسلام الكبار فناداه الشعبي وقال له: إلى من تختلف من الأساتذة؟

فقال: أختلف إلى السوق على يد الأستاذ " فلان ".

فقال الشعبي: لست عن هذا أسأل، ولكن أسأل عن العلماء.

فقال أبو حنيفة: لا والله لا أختلف إلى العلماء. أنا أصلي فقط وأؤدي فرائضي.

فنظر إليه الشعبي وقال:

أرى فيك يقظة وحركة وهمة وذكاء أظن أن التجارة لن تشبعها. هل لك أن تأخذ شيئاً مع التجارة يكون عوناً لك فيه؟ قال : وما هذا الشيء؟

قال له الشعبي: العلم. تعلم العلم فإن لك عقلاً وذكاء. الشعبي أدرك مواهب أبي حنيفة: فوقع كلامه في قلبي.

وهكذا أهدى لنا " الشعبي " بكلامه أكبر وأعظم إمام من أئمة المسلمين، وأول مدرسة فقهية في تاريخ المسلمين، وأشهر مدرسة فقهية إلى اليوم. فأكثر المذاهب انتشاراً في العالم الإسلامي خاصة بين غير المتحدثين بالعربية من مسلمي الهند وباكستان وأندونيسيا والملايو والبوسنة، إضافة إلى كثير من البلدان العربية .. وهو مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان.

www.amrkhaled.net

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ممكن تقدروا تشاركوا معانا و تقولوا لنا رأيكو فى موضوعاتنا