كل عام و انتم بخير 2013

للعام السابع على التوالى تستمر المدونة فى عرض الافكار و نشر الموضوعات الهامة و اللى جاى احلى ..

الاثنين، 29 ديسمبر 2008

عذرا يا غزة - إصبري علينا حتى نعود رجالا - وهل يجوز الإعتذار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أخبار ظلت تمزق القلوب حتى لم يعد بالقلوب موضعا يتمزق ، وتهز الجبال حتى تنهار وتتشقق ، وصمت الذكور الطويل ، يحرق أكباد الرجال ، آآآآه من بكاء الرجال ، آآآآه من صرخات الفؤاد الجريح ، آآآه من صمت الذكور ، آآآه ، آآآه من دماء تسيل ، آآآه من عيون تفيض ، آآآآه من صرخات طفل رضيع ، وشيخ وجيع ، وأم ثكلى ، وصبية وصبايا ترامت أشلاءهم على قارعة الطريق وهم أحياء ، لا فرق بين الحياة والممات في فلسطين الحبيبة ، فلسطين الحزينة ، أعتذر إليك يا فلسطين ، أعتذر من هذا الإعتذار ، وهل يجوز الإعتذار ؟ .

ترى هل حالنا حال الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ، حينما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجد ما يحملهم عليه ؟؟؟ ، وهل إعتذارنا هو إعتذار القاعدين من غير أولي الضرر ؟؟؟ وهل هو عذر لنا أن الذين يقودننا ذكورا اختاروا لنا أن نكون مع الخوالف ، فسدوا الطريق ، وأغلقوا الحدود ، وقتلوا فينا الرجولة والفتوة والمروءة . والنخوة فيا حسرة على حياتنا هذه ، ويا أسفا على عيشتنا هذه .

خبر مثير ، إعلام شاطر ، مخضرم ، ينقل الأحداث إلينا ، ونحن وذكورنا الكبار ، جلوسا أو على جنوبنا نتفرج ، وكأننا في مشهد تمثيلي ، وليس في واقع حقيقي ، فما يلبس ذلك المشهد أن يترك بعض الأثر ، ثم ننصرف نحن الذكور، إلى حيث القصور ، والقيادات العامة ، والوزارات ، والهيئات والمؤسسات ، والشركات ، لنمارس أعمالنا كأننا لم نسمع شيئا أو لم نشاهد شيئا .

إخواني – أخواتي .

مابالنا لا نزال سكارى في فخ الحوار الساخن حول الخطأ والصواب ، ما بالنا تائهين في إغماءة طويلة نجادل عنا وعنهم ، حول الكسب والخسارة ، ما بالنا كدنا أن نصدق بأننا قد متنا وتم تشيعنا ودفنا وحسي علينا التراب وقرأت علينا الفاتحة . ما بال غضبتنا لا تزال لا تراوح دعوة غيرنا ليتحرك ويتخذ موقفا لصالحنا ، ما بال حرارتنا لا تزال عند درجة يا أيها الحكام تحركوا ، يا مجلس الأمن تحرك ، ما بال صوتنا لا يزال حبيس البكاء والصراخ ونداء الإستغاثة ، ما بالنا ننتظر سرابا ، وننتظر وهما ، وننتظر من عدونا أن يرأف بنا ويرحمنا ، وننتظر من عدونا أن يخلصنا من بين أنيابه ، ويفك أسرنا ، ويخفف علينا .

هي ليست لحظة للحوار الثائر في واقعنا المر والأليم ، هو ليس حجر نرمي به على ماء راكد ، ودماء ساكنة ، باردة ، وأعين جبانة نائمة ، وأصوات مكتومة ، ليحركها ، أو يموجها ، أو يوغظها من ثباتها الطويل .

ولكن ، كأني بالصخور والحجارة بدت ألين قلوبنا من قلوب الذكور ، بدت ألطف وأرق من قلوب الأقزام ، بل الأصنام ، الذين سطوا على دفة القيادة في مؤسسات هذه الأمة السياسية والعسكرية والأخلاقية ، فأحالوا ماضيها إلى رماد ، وحاضرها إلى سواد ، ومستقبلها إلى كساد .

ألم يأن لرجال تفطرت أكبادهم ، وتمزقت قلوبهم ، وإبيضت أعينهم من الحزن ، أن يدعوننا لنهب فنغير هذه المؤسسات الميتة ، بكل أسمائها وأهدافها وأحجامها وأعدادها ، ألم يأن لرجال نحبهم ونجلهم ونتعلم منهم ونأخذ الحكمة منهم ، أن يدعونا لننظر لقياداتنا ، لرموزنا الوطنية والسياسية ، والإعلامية ، لننظر إليهم مليا ، ثم نتساءل فقط ، ترى أهم أهلا لتمثيل عزتنا وكرامتنا ، أهم أهلا للتعبير عن صلواتنا ، وعن طموحاتنا ، وعن أخلاقنا ، وعن رحمتنا ، وعن شدتنا ، وعن رسالتنا ، وعن خيريتنا ، وعن عزتنا ، وعن كرامتنا ، وعن مروءتنا .

ألم يأن لمشايخنا ورجالنا الذين هم أئمتنا في الصلاة والزكاة والعلم والعمل ، أن يدعونا فقط لنتساءل ، أين جيوشنا ، أين دباباتنا ، أين طائراتنا ، أين قواتنا البرية والجوية ، أين الحرس الوطني ، أين الحرس الجمهوري ، أين وزارات الدفاع ، أين الكليات الحربية ، أين المصانع الحربية ،أين القوات المحمولة جوا ، أين القوات البحرية .

أين كل هذا الزخم العسكري ، الذي نغني له بأناشيد مقاتلة ، وكلمات حارة ، ونحتفل به سنويا على منصات التخريج ، ونسعد بإستعراضات جوية وبحرية وبرية ، مثيرة ، ثم ينتهي الدور والهدف والغاية بإستعراض القوة ، ثم تعود بعده هذه القوى العسكرية إلى أوكارها وأقفاصها لتختفي هناك ، لترقد هنا ، لتنام هناك ، لتندس هناك ، لتصدأ هناك ، لتشيخ وتضعف هناك ، ثم نبدلها بغيرها لذات الغرض ، ولذات العرض العسكري ، في مشهد عجيب وغريب ؟؟!! ومهين وذليل وحقير وهذيل .

ألم يأن لنا أن ندرك ونعلم ونعي بأن الرموز الغربية والشرقية حينما تتحرك في ديارنا ، مكشرة عن أنيابها ، أو ضاحكة ساخرة منا ، فإنها تتحرك بقوة دافعة قوية تحمل طموحات الغرب والشرق كله في النيل من ديارنا ، في دك مقوماتنا ، في طمس مقدساتنا وهويتنا ، في أخذ مواردنا ، في كسر شوكتنا ، في تفتيت وحدتنا ، في إضعاف قوتنا ، في تضييع هيبتنا ، وقتل عزتنا وكرامتنا ، وطمس هويتنا الحضارية .

ألم يأن لنا أن نصدق ونتأكد من أن كل رمز غربي شرقي في بلادنا وهو خب لئيم ، يصول ويجول في بلادنا ، في غفلة وإغماءة طويلة حزينة مبكية ، تروي قصة المفارقة الكبيرة بينا مراد الله لنا كخير أمة أخرجت للناس . وبين زهدنا في هذا الدور العظيم وسيطرة الوهن علينا .

دعونا نغض الطرف عن تناول ( حذاء المنتظر ، وما رماه به ) ، دعونا نتداعى ، ثم نفكر بعقولنا وقلوبنا ، في كم رمينا بسهام مسمومة ، وقذفنا بقنابل مميتة حارقة ، وكم قتلنا هناك وهناك وهناك ، كم سلبت ديارنا ، كم أخرجنا منها ، كم حرمنا حق الحياة في أرضنا ، والتحرك فيها ، وبناءها ، وتعميرها وحمايتها ، كم كسرت شوكتنا ، كم سلبت أراضينا ، كم رملت نساءنا ، كم يتم أطفالنا ، كم بكى شيوخنا ، كم ضاقت الأرض بالمستضعفين ، كم حرمنا حتى من التوحد في الوطن الواحد ، كم وضعت لنا الدسائس والسموم في طريق التراحم والتلاحم والتقارب والتناصر ، كم حيدت قوانا وطاقاتنا ، البشرية والسياسية والإقتصادية ، فأصبحنا بلا أثر ، بلا مهابة ، بلا هيبة وهدف وقضية .

يبدو أننا تعودنا على الضرب من كل جانب ، فماتت خلايانا الجسدية والمعنوية والروحية ، فأصبح الضرب لا يؤثر فينا ، وإذا ما أنتفض القهر بحذاء كحذاء المنتظر ، أقمنا عرس البطولة ، وتنفسنا الصعداء أننا لا زلنا أحياء ، ثم إكتفينا ، ثم عدنا إلى سكرتنا الأولى ، أكثر سكرا وأكثر شللا ودعة وجبنا وخوفا . وكأننا نجهز أنفسنا بمخدر أكثر أثرا ، حتى لا يؤلمنا الثأر المنتظر بعد حذا المنتظر .

إخواني وأخواتي :-

الذكور الذين يقودوننا اليوم ، لن يكونوا يوما رجالا أولي بأس شديد ، إنهم يحرموننا حتى من كلمة حق صادعة صارخة حارقة ، إنهم يمنعوننا حتى من كلمة التكبير في وجه هذا الظلام ، إنهم لم ينتصروا للشيخ أحمد ياسين من قبل ، ولم ينتصروا للمجاهد الرنتيسي من قبل ، ولم يتداعوا لهذا الحصار الطويل في غزة ، لم يلقوا سمعا لأصوات المستضعفين من الرجال والنساء والولدان في غزة ، لم تتحرق قلوبهم ، لم نرى حركة واحدة تعبر عن ألمهم أو حزنهم لأهل غزة ، ولن ننتظر ذلك ، فقد مات الرجولة فيهم ، ولم يبقى إلا منها إلى الذكورة.

إخواني أخواتي :

نعم هلكتنا كلماتنا عن حالنا ، نعم أدمانا وصفنا لحالنا وحال ذكورنا الكبار ، أرهقنا حد الونى والضنى والشتات هذا الوصف وهذا البكاء الطويل وهذا التمزق المريع ، وهذا الصمت الجبان ، وهذه الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وهذا الخور ، حتى كادت الأمة كلها أن تكون مع الخوالف والعياذ بالله .


على الرغم من عظمة الفجيعة ، وهول الخطب ، وضيق النفق ، والسكتة القلبية والعقلية التي تصاحب هذا الحال ، إلا أن نور الله يبقى دائما متقدا ، ويبقى الأمل أقوى من اليأس فيصرعه مهما تراكم وتكاثر وتساقط على قلوبنا ، فلا نزال في فسحة من أمرنا ، ولكن علينا أن نحرك ساكنا فينا ، علينا أن نبدأ من حيث البداية الصحيحة لتربية الأجيال ، وإصلاح ذات البين ، وضخ الدماء في أصولنا العقدية ، وضخ الدماء في مبادئنا التربوية ، وضخ الدماء في شراين أخلاقنا وقيمنا ومثلنا ، علينا أن نعول على الله أولا ، ثم على ترقية الفهم والوعي والهم بقضايانا ، علينا أن نعلي من شأن عزتنا ، في بيوتنا ، وفي مؤسساتنا ، وفي شركاتنا ، وفي مدننا وأريافنا .

على كل فرد منا أن يقوم بدوره ولو في بيته ، أو مدرسته ، أو مقر عمله ، التخلية ، التحلية ، العلم ، التزكية ، التذكير ، الفهم ، التوعية ، الصبر ، الدعوة ، الدعاء ، الحكمة ، الموعظة الحسنة ، التزلف والتقرب إلى الله ، إستمطار الرحمة بالدعاء والنداء رهبا ورغبا .

علينا أن نقف على ثغور الدين أيا كان حجمها أو أثرها ، علينا أن ننشط معاني الفطنة والكياسة والذكاء ، علينا أن نشظي نار الغيرة على عزتنا كلما خبت ، علينا أن نروي مشارب الكرامة والمرؤوة كلما جفت ، علينا أن نذكر بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهاده وصبره ودعوته كلما نسيت ، علينا أن نسعى لنصمم النموذج العملي الأسري في حياتنا ، علينا أن نعزز ونقوي قيمة التراحم والتلاحم والتصالح كلما ضعفت ، علينا أن نمسك ونعض بالنواجز على أوسمة الخيرية والإستعلاء كلما سقطت ، علينا نتذكر ، ونذكر بالرجال الذين لا يخشون في الله لومت لائم ، الرجال أولوا البأس الشديد الذين يجوسون خلال الديار ، ونسلط الضوء على سيرتهم ، على تضحياتهم ، على جهادهم ، على صبرهم ، وننفض عنها الغبار ، كلما توارت ونسيت ، وحدفت وضيعت معالمها في حياتنا .

علينا أن نشكل منظومة ، علم ، وعمل ، كبرى نؤسس بها لمنهج التغير الكبير المؤسس والمقوم ، لنعيد لهذه الأمة هيبتها ، ونرد لها عافيتها ، وريادتها وقيادتها ، في السياسة والإعلام والأقتصاد ، والدفاع والنصرة والقتال ، علينا أن نجدد هذا الإيمان كل يوم وكل ساعة وكل لحظة . ولو ناصبنا ذكور اليوم العداء ، ولو وضعوا في طريقنا العراقيل ، ولو سجنوننا أو نفونا ، أو عاركونا ، أو عاكسونا ، أو حاربونا . هي كلمة حق في وجه الظالم تدخل الجنة وتحي الأرض بعد موتها .

علينا أن نحرص على أن نلقى الله ، ونحن نسعى للظهور بهذا الدين ، ونحن نسعى لبلاغه وتمامه ، علينا أن ندرك الفرق الكبير بين مقام الرحمة والموعظة الحسنة في الدعوة اللينة للناس ، وبين مقام الجهاد والعزة والكرامة ، فلا نخلط الأوراق ، ولا تملى علينا الإرادات ، ولا نقع في فخ الإلتباس بين مقام الدعوة ومقام الجهاد والنصرة .

إخواني أخواتي :-

هذه الكلمات ليست للبكاء ، والتأوه ، ونشر الحسرات ، وإسالة الدمعات ، ولكنها ، للفكرة ، لنقف لحظة نتفكر ، هل يمكن أن يكون لنا دور نقوم به ، شبابا وفتيات وصبية وصبيات من ، ثم نجيب بنعم ، لنا دور كبير وعظيم وأساس ، إن فهمنا وعلمنا كيف تصنع المجتمعات ، وكيف تتشكل الحضارات ، وكيف تسود الدول ، إنها الفكرة ، إنها الصبغة والصيغة ، وهل هناك صبغة أحسن من صبغة الله التي أراد لعباده . وهل ما أصابنا ليس بكاف أن يوغظنا من رقدتنا هذه الطويلة .

هلا تنادينا لكلمة سواء بيننا ننصر بها غزة والعراق ودارفور ، هلا تداعينا لفكرة سواء ، لعمل سواء ، لرأي سواء ، لتضحية سواء ، لبذل سواء ، لقول سواء ، نخرج به حمما من الغيظ والغضب ، في وجه طغاة الأرض اليوم ، لنغير به حالنا من الذكورة إلى الرجولة ، من القعود إلى الخروج ، من الركون إلى العمل ، من السكون إلى الحركة ، من الإدبار إلى الإقبال ، هلا سعينا لنتفكر كيف لنا أن تشفي صدورنا . ولنعلم بأن العيب ليس في أعداءنا ولكنه فينا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ممكن تقدروا تشاركوا معانا و تقولوا لنا رأيكو فى موضوعاتنا